الخميس، 17 ديسمبر 2009

طفلنا الغائب

رسالة
بقلم منتصر منصور

في هذا المكان، أنا وقليل من حطام الزمن المتراكم فوقَ سفينتي الغارقة بينَ غثاءِ المفبركين للتاريخ، كصدى صوتٍ من المريخِ، يظنّون بهِ سيداً سيعيدُ كيّ ملابسهم وتسريح شعرهم كأنهم الوحيٍ يبتسم في حضرتهم، أنا وكثيرٍ من غباء الحكّامِ الحاكمةُ بألونِها النرجسية، تقولُ لي أنّ مكاني بين عقارب الساعة ليس هنا، وإن سألتها أينَ؟! ظنّت بي متهور يريد العراك وأكثر، يا سيدتي المُجمّلة بمساحيقِ أخرجت من فتاتِ خبزي ودمي، وردائِك الموسمي المستوحى من فصولي، وعطركِ المقتلع من زهرِ حقلي، وبيتكِ الواقف فوق ركام بيتي، وسلاحك المؤخوذ من عظامي وقصيدتي، يا سيدة العالم النووي فوقَ ركامِ حضارتي، لنعيد ترتيب الغرفة والصورة من حيث الزمان والمكان وألوانِ الزيت، لنعيد تمشيط التاريخ بأدواتِك العصريّة، لنزيل رمادية الألوان من القصيدة، ونسرد القصة بغير أبهام أو دهاء، أنا الهُنا مذ أن بصقَ التاريخ لعابه فوقّ خدي، توافدت الشعوب ورحلت، وظلَّ المكان يرسم صورتي، فجميعُ من قدموا إلى هنا ظنّوا أنهم مهلكوننا لكن الأرض لا تكفّ عن ذر بذري، ظنّوا بأسرِهم لي تُزهق روحي، وظلّت السماء تغيثني من روحها فأولد من جديد، ظنّ الجنود أنهم آلهة الموت والحياة، وما من روحٍ تحيا أو تموت بغير إذنِ ربي، صورتي المهشّمة فوق قبري لن توارى، ستأخذ من نار ثورتي قنديلاً تضيء بهِ كهفي ويغفو فوق مخدتي حلماً إذا ما آمنّا بهِ أعدنا طفلنا الغائب إلى حضن أمي.
7.11.09
(كي تصنع حاضرك أنظر للوراءِ خطوتين أو أكثر، كي تخطو للغد غادر فراشك وانظر من النافذة)