السبت، 2 يناير 2010

شرعية البقاء

قصة قصيرة
بقلم: أدلين أبو رمحين


ما زلت أحاور نفسي,أصبغ درجات من صبغة لم اعتاد على وجودها بين لمحات قلمي,وجودة محاوري ,صنعت بداية ثبوتي.
فعلى مرأى أشجار كثيفة عنيفة تلامسها الحياة تارة,وتعانقها أطراف من أغصان ليس لها مدلول على لون محدد أو شكل منسق يجمعها ويشير إلى انتسابها لشرعية محددة,كان هناك من يعتني بتطور نموها ويراقبها عن كثب بين لمحه وضحاها,كان اسمها "بقاء".
ذات نهار وبينما أرسلت الشمس أشعتها الذهبية,غدت الرياح مهلهلة,مصطفة على غير عادة,وقفت شجرة التفاح جانبا غير مبالية لانسجام رفيقاتها الأشجار,مع تناغم ألحان موجات الغبار المبعوثة من على أرصفة "الحياة",جلست تبحث عن طريقة متجانسة لمجموعة صور لاحت لها بالأفق تجسد مشروع تثقيف نفسها,لمعرفة كيفية إصدار كميات أكبر من ثمرة التفاح,وإسعاد أكبر عدد من الناس الذين يرغبون بتناولها دوما.
شجرة التفاح,تمتاز بجرأة تعدد أفكارها والمضي طويلا حتى الوصول لغايتها,فهي ليست عبثية التصرف أو دائمة التخوف من المستقبل,هي واقعية تسعى لانجاز حلم يلمع بالذاكرة.
وصلت بقاء وهي تتأمل عن قرب للأشجار,وفجأة وقعت عينها على شجرة التفاح,فهي ليس كعادتها,شامخة ,نظرة المنظر إنما خاملة ,أوراقها تبدو وكأن غبار الحياة لسع جزءا كبيرا منها.
فاقتربت منها أكثر وأكثر,ترددت بداية للقائها وسؤالها عما جرى لها,ولكن فضولها كان أعمق وأقوى من ذلك الخوف المترصد داخلها بكثير,طوت رجليها قليلا ورفعت رأسها بمحاذاة أغصانها ثم
قالت لها:ما بك يا شجرة التفاح؟أرى شموخك قد أصابه شيئا أستصعب فهمه لأول مرة منذ مثولي في هذه الأرض الجميلة ,فماذا بك؟أجيبيني ؟!
نظرت شجرة التفاح إلى بقاء وقد اعتلى وجهها أسئلة كثيرة وقالت:أريد أن أخطي خطوات جديدة مغايرة تختلف عن باقي أصدقائي الأشجار,أريد أن أسعد من حولي أقدم لهم اكبر كميه من ثمرتي التي يحبونها,فكيف لي بذلك؟؟
أسرعت بقاء بالتفكير,استجمعت أكبر عدد من ذاكرة مضت,وحاضر يتأقلم مع شرعية البقاء,ومستقبل يتأنى لتلبية رغبات جموع هذه المستجدات المتناقلة بين عصور قد ولت وجسر قد ولد في هذا الكون المليء.بعدة ثواني لا أكثر سارعت بقاء سباق الزمان ,عادت لأرضية المكان,عادت لتساعد شجرة التفاح,لإعطائها أكبر معلومات تفيدها حتى تجتاز محنة,ألمت ببقائها.
وقالت بقاء:انهضي يا عزيزتي,ولا تحزني فقد أضعت عمرا أعلم نفسي وأعلم من يبادلني شعور الاستمرارية لجيل بعد جيل,سأقول لكي نصيحة لعلها تفيدك أكثر من أي لحظة جميلة قضيتها مع نفسك ومع هذا المكان,أنظري لهذه الحياة,لغبارها,لكينونة تكوينها ألا تستحق بأن نتعلم منها,ونستخرج مفرداتها وجمالية عطائها للإنسان,وللنبات والجماد,فكل منها قيمة أوجدها الله عز وجل,زرع بداخلها الإيمان, والمقدرة والثبات,وحب المثابرة على الاستفادة من الآخرين ,والتجربة دوما بجميع الوسائل حتى النجاح.
فيا عزيزتي كوني أنت,جَسدي كما تشائين من هذا الخير الواسع,اصطحبي العلم والمعرفة من أي ,وسيلة صالحه تكون خطوة أولى بمشوار إحياء ثمرتك.
فما أزكى تفاحك إن استطعت الاعتناء به,ستتلون ثمارك بألوان كثره,كوني حذره فهنالك من ينتظر تناولك دوما.
شعرت شجرة التفاح بقشعريرة لم تلمس قلبها,ودفئ لما يحاكى أوردتها منذ زمن طويل,فكم كانت بحاجة لمثل بقاء.
فقالت لنفسها,وقد عانقتها عزة لم يسبقها مثيل, شرعية بقائي استمدتها من بقاء ومن وسائل الحياة,وسأمضي بجريان هذه الأسطورة حتى أنتج ثمرا حلوا يستمتع بوجوده كل ذرية صالحه أحبت الأرض وسريان تمجيدها هنا وهناك.


2009-2-3/2
نهاية:1:23 بتوقيت التعب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق